عراق

كارثة صامتة تُنهش كركوك: السرطان من "مرض نادر" إلى جارٍ يومي في بيوتنا

 


د. حسام فلاح حسن اختصاص أمراض الدم السريري 

في مدينة كركوك النفطية، حيث تحيط بنا المصافي والمصانع والشركات النفطية الكبرى، وحيث الهواء ممتلئ بما لا يُرى من أبخرة وغازات، تُسجَّل أرقامٌ مرعبة تستحق أن تُدق لأجلها أجراس الإنذار.

ففي مسحٍ ميداني بسيط في فرعٍ سكني يتكوَّن من 19 بيتًا فقط، بمستوى معيشي وتعليمي فوق المتوسط، تبيَّن وجود 6 بيوت تعاني من حالات إصابة مؤكدة بالسرطان. أي أن ثلث هذه العوائل تتعايش مع المرض رغم توفر الغذاء الجيد والدخل المستقر.

المُفارقة التي لا تُصدّق؟
قبل ربع قرن، كان السرطان يُعد مرضًا نادرًا يُحكى عنه بدهشة، أما اليوم، فهو واقع نعيشه يوميًا وكأننا في زمن الوباء!

---

🧪 لماذا نحن أمام كارثة؟

بيئتنا تُختنق
مدينة كركوك أصبحت محاصَرة بأدخنة النفط وعوادم السيارات، بلا رقابة حقيقية على الانبعاثات، والمياه والهواء يحملان ملوِّثات كيميائية مستمرة، خاصة في محيط المصافي والمواقع الصناعية.

طعامنا لم يعد آمناً
تُباع خضروات وفواكه معدلة جينياً بلا رقابة واضحة، فيما تنتشر الوجبات الجاهزة المشبعة بالدهون المهدرجة والمضافات الكيميائية، وسط تغييب شبه تام للثقافة الغذائية.

أسلوب حياتنا انهار
قلة الحركة، والجلوس الطويل من البيت إلى السيارة إلى المكتب، أصبح أسلوب حياة دائم يُضعف الجسم ويُرهق المناعة.

الجراح النفسية.. عامل خفي لا يُؤخذ بجدية
ما بين التوتر المستمر، وصدمات الحروب، وفقدان الأمان المعيشي، يعيش المواطن تحت ضغط نفسي متواصل. علمياً: هذه الحالة تُضعف فعالية الخلايا المناعية القاتلة للسرطان.

---

🛡️ خارطة طريق للنجاة

مطالبات مجتمعية
"نطالب بفحص شامل  ومراقبة انبعاثات المصانع والنشاطات النفطية. نرفض أن نتنفس السموم بصمت."

وقاية فردية واعية

استبدال الأطعمة السريعة بأطباق منزلية صحية

تخصيص 30 دقيقة مشي يومياً في أي مساحة خضراء متاحة

الالتزام بالفحوصات الدورية بعد سن الأربعين، خصوصاً لمن لديه تاريخ عائلي

تعزيز الصمود النفسي
"نفسٌ مرهقة تُضعف المناعة… لنأخذ استراحة، وندعم مراكز الدعم النفسي"
الصحة النفسية ليست ترفًا، بل درع من دروع الوقاية

تضامن اجتماعي حقيقي
"لنعد إلى غذائنا الطبيعي… لنُحيي الزراعة العراقية، ولنثق بتمرنا ورزّنا ومزارعنا الصغيرة"
الغذاء المحلي النقي، إنْ أُحسن استخدامه، يمكن أن يكون حصننا الأول

---

❤️ كلمة من القلب

> "السرطان ليس قدراً محتوماً… بل هو عدو صامت يمكن أن نهزمه بوعينا وإرادتنا. نحن أبناء كركوك… مدينة الصبر والمحن. صمدنا في وجه الحروب والنزوح والأزمات. فلنصمد الآن في وجه هذا المرض الزاحف. غدًا أجمل بإذن الله، عندما نختار الحياة ونبني الوعي معًا."

✍️
#همومنا_نحلها_معاً

إرسال تعليق

0 تعليقات