عراق

بكاءُ الرّوح



بقلم نور نزيه زين الدين 

أَتَعلمْ ما هو الأشدُّ صعوبة من بكاءِ الأعين؟

بكاءُ الرّوح يا صديقي..

-ستسألني ما هو بكاء الرّوح وكيف يحدث؟ماذا يعني؟هل للروحِ دموع؟

حسناً دعني أوضح لكَ المعنى الواقعي لِ هذا البكاء..

أن تبكي روحك أو أن تجهش روحك من البكاء يعني أن تبكي من غيرِ دموع..

-ستقول لي ولكن كيف لشيء أن يبكي دونَ دموع ؟هل يوجد بكاء بلا دموع؟

نعم ..يوجد بكاء بلا دموع وليسَ كلّ من نزلَتْ دموعهِ يقال عنهُ لقد بكى..بكاء الرّوح يشبهُ النّبع الذي نضبتْ مياههُ وأصابهُ جفافٌ قاحلٌ بمعنى أن تجف العيون من الدّموع وتجهش الرّوح بكاءً من شدةِ الألم 

-سينتابك الفضول وتقول لي حسناً إذاً متى يحدث هذا الشيء؟

دعني الآن أتعمق أكثر ..

يكون الإنسان إنساناً طبيعياً يعيش حياتهُ بطريقةٍ جميلةٍ وبسيطةٍ.. يرى الأشياء جميعها بالجزء المضيء منها ولا يرى السّواد الذي يختبئ في الطرفِ الآخر..

يصادف الإنسان أشخاصاً كثر ويصبح صديقهم.. تتطور العلاقة بينهم ويصبحون هؤلاء الأشخاص من أهم ما يملك هذا الإنسان ويقدم روحهُ في سبيلهم..

دعنا نقول إنّهُ يُصبح كالشّمس ..فهيَ تستخدم كل طاقتها وضوءَها فقط لتنير أطراف القمر وتجعلنا نراه بأجمل حالاتهِ حتى وإن كان غير مكتمل لحالة البدر ونصفٌ واحد مضيء منهُ ف الجميع يراه جميل ورائع ويعتقدون إنّ ضوءهُ نابعٌ من داخلهِ وينسون فضل الشّمس عليه حتى القمر يستمر في أخذ كلّ شيء من الشّمس فقط ليبقى الأجمل والأروع..

ولكن إذا انقلبت الموازين ..هل القمر سيمد الشّمس بمقدار نصف الطّاقة التي أخذها منها؟هل سيفقد بريقهُ ونورهُ في سبيل الشّمس؟ تُرى هل سيفقد اسمهُ ويستقيل عن كل المنازل التي حظى بها على مدار السنين ويعطيها للشمس؟

وللأسف سيكون القمر أنانياً ولن يقبل وسينسى فضل الشمس عليه وسيبقيها لوحدها دون أن يمدها بالطاقة والقوة التي تحتاجها وهكذا العلاقة بينهم ستنكسر ولن تعود كما كانت..

هذا ما سيحدث في حياة الإنسان تنطفئ روحهُ من شدة تتالي الخيبات التّي أتت من أشخاص قد وثقَ بهم وكسروا كلّ شيء عندما أصبحو في أفضل حالاتهم ومراحلهم وتركوه لوحدهِ لمجرد أنهم حظو بالبديل الأكثر إشراقاً منهُ.

حسناً لنعود إلى السّؤال الأساسي وهو عن بكاء الرّوح..

يا صديقي ..إنّ الإنسان يصل لمرحلة شاقة بعد أن تنطفئ روحهِ من شدة الخيبات وهنا لن تستمر الدّموع بالتساقط من عينيه لأنهُ سيشعر وكأنّ صفعة قاسية قد أصابتهُ وستجف دموعهُ من عينيه وتنتقل العدوة إلى روحهٍ ويصبح البكاء بحرقة وألم لكن دون دموع على شيءٍ قد ذهب ولنْ يعود..لقد فقدَ حلاوة روحهُ.

نور نزيه زين الدين

إرسال تعليق

0 تعليقات