عبدالحميد آل كلوت
1/2/2025
______________________
الكاتبة يُسرى العزاوي من مواليد بغداد حاصلة على بكلوريوس فنون جميلة من جامعة بغداد / عضو أتحاد الكُتَّاب العراقيين / عضو أتحاد المبدعين العرب / عضو أتحاد الأديبات العراقيات/ نُشِرَ لها العديد من القصائد والقصص والمقالات في الجرائد والمجلات العربية والعراقية / صَدَرَ لها مجموعة شعرية بعنوان (تساؤلات) وثلاثة مجموعات قصصية وهُنَّ على التوالي (عرشُ ابي) و(حكايات ذهبية) و(قلوب مُشوهة) / صَدَرَ لها كتاب مُشترك بعنوان (150ايقونة عربية).
جَدَّتي وأحلام الموتى هو عنوان أستلتهُ الكاتبة من أحد نصوصها وجعلته عتبة نصية أولى لكتابها ، حاولت الكاتبة من خلال هذه النصوص التعبير عن مايدور في داخلها من مشاعر وأحاسيس وحنين للماضي ، فالجَدة هي حارسة الاسرة التي تتربع على كرسي الرئاسة الأُسري ، وهي الداعمة والمُساعِدة لأفراد عائلتها بأعتبارها مركز قوة روحي في العائلة ، والجَدة هي القادرة على أقناع ألأحفاد بجمال حكاياتها على الرغم من أخطاؤها اللغوية وتكرارها لأحداث قصصها ،
العنوان يربط بين الجَدة والموت بأعتبار أن الموت أقرب الى الجَدة من غيرها حسب المفهوم السائد في الحياة والمجتمع ، وهنا نجحت الكاتبة في هذا الربط الدلالي الذي شَكَّلَ صورة أدبية بالرغم من قساوتها حين ربطت الجَدة والموت مع الأحلام ، حيثُ ان الموتى لايحلمون لكنها جملة إيحائية تحمل الكثير من الدلالات والمعاني النفسية والأجتماعية ، العنوان وصورة الغلاف الذي رسمتهُ بفرشاتها كونها رسامة تشكيلية كَوَّنا ثلاثي منسجم مع المضمون .
ان مفهوم السرد لأي مصطلح أدبي ماهو الا عملية إيصال الحدث مكتوباً الى المتلقي وفي هذا المجال يقول (رولان بارت) " انه مثل الحياة هو علم متطور من التاريخ والثقافة " ، ان الصوت الموجود في النصوص هو صوت السارد الذي يعطي بحواره مجالاً للشخصيات للتحدث عن نفسها ، والكاتبة استطاعت ان تجذب القارئ من خلال هذا الصوت الذي هيئَ للقارئ كل مايحتاجه لفهم مُجريات مايحدث ، ففي نصها (قلوب مُشوهة ص 14) تجري الكاتبة محاورة مع نفسها وتصف شيئاً ما أنتابها حيث تقول : " كان السكون يعمُّ المكان انتابني الأستغرابُ منك في تلك اللحظة ، لستُ أنا الذي أعرفكَ فمن أنت؟ ، لم يراكَ أحد ، وأنتَ تنهشُ من قلبي لقيمات لأجل أن تُسكِت جوع شهوتك ، لم يراكَ أحد وأنت ترتشف كؤوساً من دمي الى أن ثَمِلت " .
السرد هو أسلوب أدبي يُستخدم في الحكايات والقصص والروايات والمسرحيات ، ببساطة هو عملية بناء جديدة لما تم مشاهدته او قرائته او سماعه بأسلوب أدبي بالرغم من التباين الذي يحصل بين كاتب واخر ، فالسرد هو بناء أنساني لغوي يقوم على تدوين التجارب والسلوكيات وفق بُنى لغوية قد تجدها تضعف عند كاتب وتَقوى عند اخر ؛ الكاتبة أخبرتنا بسردٍ جميل ومشوق استطاعت من خلاله ان تجعل حدث النص يدور حول النص نفسه ، فالأحداث الزمانية والمكانية ابرزتها بصورة جميلة ورائعة وأوصلت رسالتها ومغزى كتابتها الى المتلقي النموذجي ، أتگأت الكاتبة على العلاقة الوثيقة مابين السرد والزمن ووَلَجت من خلال هذه العلاقة للتعبير عن الوقائع والأحداث ، في نصها المعنون (جدتي وأخلام الموتى ص16) تقول :
" يبدو ان الكوابيس ياجدتي لم تعد تراعي قواعد الاساطير ، أو أنني شريرة جداً فقررت معالجتي الان ، أصبحت أتجاهل كل ذلك الانين الطويل الذي يطرق أذني آتياً من ذات الشجرة التي أرعبتني حين أجتزتها " .
الأدب هو صفة أبداعية يخلقها الكاتب والنقد هو ابداع يتولد من خلال النص وهذا الابداع لايأتي اعتباطاً حيث يجب أن تتوفر بهِ حبكة الكاتب وثقافة الناقد ؛ الكاتبة في نصها (لا أتذكر ص42) كان على الكاتبة ان تسترسل في السرد وأعطاء النص مساحة تعبيرية أكثر فَبترُها للنص جعلهُ يتأرجح بين افكارها وعملية سردها للفكرة ، حيث تقول في نصها : " نعم أصبحتُ لا أتذكر شيئاً سوى الحديث بيننا يوماً ما… الخ النص ؛ بينما في نصها (هي والخذلان ص46) بالرغم من قلة الكلمات تمكنت الكاتبة من ايصال الفكرة التي ارادت ايصالها بسطور قليلة ومعاني كبيرة " مازلتُ أحافظ على مسافة من الضوء بيني وبينك علّها يوماً تخترق عتمة الغياب فنلتقي مرَّة ثانية… الخ النص .
ان عملية دراسة النصوص الادبية بكافة اشكالها ماهي الا عملية تحليل وتفسير وتقييم لتلك النصوص ، فكم من دراسة نقدية لم تُعطي للنص حقه ، ومن خلال قرائتنا المتأنية لنصوص جدتي وأحلام الموتى قيَّمنا الجوانب الجيدة والرديئة في النصوص ولم يقتصر بحثنا على جانبٍ واحد من باب لايوجد نص متكامل خالي من المثالب .
____________________
0 تعليقات