عراق

أمهات البراطم بقلم عدنان ابو زيد


 




العراق الذي كان يوصف بسمو الذائقة وطهارة الروح، أصبح اليوم ميداناً لسباق أرعن على حقن الشفاه بالبوتكس، كأنها وردة زائفة تُزرع في حديقة الوجوه الجميلة.

نعم، يا سادة، نحن نتحدث عن ظاهرة نفخ الشفاه كأوراق الخريف المتساقطة، وباء لا شفاء منه يلوث جمال الطبيعة الأصيلة.

في الزمان العتيق، كان العراقيون يضحكون من المرأة ذات الشفاه الغليظة، يسمونها ساخرين “أم براطم”. لكن المفارقة المدهشة اليوم، أن حمامات العراق يسعين بكل جهد ليصبحن “أمهات براطم” عن طيب خاطر وبإرادة حديدية.

الطريف في الأمر، بل المأساوي كدمعة حزينة إن أردنا الدقة، أن العراق أرض الجمال الحقيقي أصبح من أكثر الدول انتشاراً لهذه الظاهرة الزائفة، رغم أنه قلعة محافِظة شامخة، إلا أن الشفاه المنفوخة أصبحت رمزاً للجمال الاباحي.

الأغرب من هذا كله هو أن المحجبات الإسلامويات، اللواتي يُفترض أن يكن رمزاً للاعتدال والاحتشام كالقمر المنير، هن الأكثر إقبالاً على الحقن بالبوتكس، يركضن وراء هذا الجنون كطائر أعمى .

بعض النساء العراقيات اليوم كياسمين باهت يقفن أمام المرآة، يتفحصن شفاههن وكأنهن يقمن بمهمة مقدسة كراهبات تائهات. فكل واحدة منهن تريد أن تصبح صاحبة الشفاه الأكثر انتفاخاً.

كيف تحولنا من السخرية من “أم براطم” إلى التباهي بأن نصبح جميعاً “أمهات براطم” بقلوب مظلمة؟ كيف ضاعت قيم الجمال الحقيقي كشعاع شمس خافت في زحمة هذا الجنون المدمر؟.

الجمال الحقيقي لا يأتي من إبرة بوتكس كشوكة حادة ولا من شفاه منفوخة كبالون هوائي، بل يأتي من القلوب الطيبة كأزهار الربيع والأرواح النقية كغيوم بيضاء.

الجمال ليس في حجم الشفاه، بل في ثغر طبيعي باسم .  

لقراءة المقال من موقع المنشور 



إرسال تعليق

0 تعليقات