الحقوقي حازم عيسى الجبوري
_شهدت الساحة الإعلامية العراقية في السنوات الأخيرة بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي شهدت انتشار ظاهرة “صناع المحتوى السَيِّئ " الذي لجأ صانعوه الجدد لإختراع ما يزيد المشاهدات ويجذب المتابعين بمختلف الأعمار والأذواق خصوصا فئة الشباب وهو المحتوى المليء بالتنمر أو الإشاعات والفتن أو السباب والشتم او توجيه انتقادات لاذعة لشخصيات في المجتمع على اختلاف شرائحهم والبعض منهم اتجه نحو محتوى عد “هابطا ولا أخلاقيا” خاصة وأنه يتركز فقط على الإيحاءات الجنسية أو استعراض الفتيات وبعض الممارسات الأخرى أو الحديث عن تعدد العلاقات والخوض بتفاصيلها الجنسية، أو عمل المقالب بالأهل والاصدقاء واحراجهم امام المشاهدين، مما دعا لجهات القضائية الى ملاحقة اصحاب المحتوى السَيِّئ تحت شعار "حماية الجيل الجديد من الإنحراف" واستندت الجهات القضائية في ان القانون بصورة عامة وجد منذ البداية لتقنين وتحديد الحريات ولهذا يجب أن تكون حرية الإنسان منسجمة مع حرية الآخرين ولا تتعارض معها وأن لا يمارس الشخص حريته بالإعتداء على الآخرين وتهديد حياتهم أو يسبب لهم أي ضرر، ولهذا فالقانون هو تقييد لإنفلات الحريات والحرية مسموحة وفق ضوابط وحدود معينة،
وقد صرح مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية سعد معن: ان حملة الاعتقالات تمت وفق قانون العقوبات رقم 111 لعام 1969 واشار انه تم اعتقال 5 أشخاص بينهم سيدتان، وهم من الناشطين على تطبيق تيك توك Tiktok ويستخدمون مفردات أثارت جدلا بين العراقيين، سيما أن عدد متابعيهم يبلغ مئات الآلاف، من جهته يؤكد الخبير القانوني علي التميمي، أنه “من الناحية العملية لا يمكن لأي قوة أمنية اعتقال أي شخص دون مذكرة قبض قضائية، ولهذا لا يمكن اعتقال أي شخص لنشر أي محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي من دون وجود تلك المذكرة، ولهذا يجب أن يصدر قاضي التحقيق مذكرة قبض أو استقدام بشأن أي متهم”،
ويختم التميمي قوله بأن “العراق يحتاج إلى أن يشرع قانون الجرائم الإلكترونية المهم والمهم جدا، من أجل وضع ضوابط وتعليمات لما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي،
لافتا إلى أن هناك فرقا كبيرا بين النقد والانتقاد والخيط الفاصل يحتاج إلى تأنٍ ودقة في القول والكلمة عندما تكون داخل الإنسان هو من يتحكم بها ولكن عندما تخرج هي التي تتحكم به وحرية الرأي لا علاقة لها بالجريمة وذكر الأسماء دائما هو الخطر،
ويرى باحثون اجتماعيون ومنهم الباحث الاجتماعي والتربوي فالح القريشي؛ أن بعض المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي كانت سببا رئيسا في انتشار الكثير من الحالات الدخيلة على المجتمع العراقي مثل الفساد الأخلاقي وحتى حالات الانتحار بسبب ابتزاز بعض الفتيات عبر هذه المواقع بسبب سوء استخدامها ومع بداية تطبيق القانون لحماية المجتمع من المحتوى السَيِّئ والخادش للحياء وشن حملة الإعتقالات بادرت الكثير من ما يسمى بالبلوكر الى اعلان انسحابهن من السوشل ميديا بعد الحكم على المدعوة ام فهد بالسجن 6 اشهر حيث اعلنت ايناس الخالدي وغيرها إنسحابهن من مواقع التواصل الاجتماعي وغلق جميع حسابتهن، كما بادرت اخريات في مقاطع فديو الى الاعتذار من المتابعين والإعلان عن حذف جميع مقاطع الفديو والاتجاه نحو نشر محتوى هادف يخص العمل فقط وينسجم مع العادات والتقاليد التي تلائم ذوق العائلة العراقية، كما اجبرت السلطات القضائية عدد من صناع المحتوى على اخذ تواقيعهم على تعهدات بعدم نشر محتوى “هابط وغير أخلاقي” ومنهم مشاهير عرفوا بمتلازمة معنية أصبحت تردد في مواقع التواصل فيما عمد بعض المشاهير إلى تقديم اعتذارهم عن المحتوى الذي قدموه سابقا، ويرجع استخدام "المحتوى الهابط" او السلبي في العراق من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بسبب عدم وجود تدرج في الانفتاح والحرية، إذ أن هذا الانفتاح قد حدث فجأه ودون سابق إنذار مما ولد هزات ارتدادية أضعفت البناء المجتمعي والعلاقات الأسرية، لاسيما ان المجتمع العراقي الذي عانى من تضييق للحريات وتكميم للأفواه طيلة عقود سابقة استيقظ فجأه ليجد نفسه أن له الحق في قول ما يريد ويفعل ما يريد ومشاهدة مايحب دون حساب من الدولة أو نقد من الشارع لتنتشر هذه الحرية السلبية دون حسيب ولا رقيب كالنار في الهشيم بين الناس خصوصاً فئة الشباب الذين كانوا يتحرقون لمثل هذه الحرية لافراغ طاقاتهم وهذه الحرية ولدت أمراض ومشاكل لا يمكن السكوت عنها اضرت بالمجتمع العراقي كثيرا مما استوجب التصدي لها من قبل السلطات القضائية والأمنية حماية للنسيج الاجتماعي وللشباب من خطر الإنحراف.
0 تعليقات