بقلم: كوناي البياتي
لم أتعمّدِ الكتابةَ عن الإمامِ الحسين (عليه السلام) يومًا _ رغمَ أنّي أعتقدُ أنَّ الكاتبَ لنْ يُصبِحَ كاتبًا إلا عندما يتشرّفُ ويكتبُ عنه (عليه السلام)_؛ إذ لطالما كانتْ قضيته (عليه السلام) تفرضُ نفسَها على قلمي.
كُلّما كُنتُ أُضيفُ نصًّا عنه (عليه السلام) يزورني إحساسٌ بأنَّ اللهَ (عزّ وجل) أصبحَ راضيًا عن قلمي، بل وأنّه أصبحَ يُحِبُّ كتاباتي!
ولا يدعو ذلك إلى العجب؛ إذ لم يعرفِ التاريخُ غيرَ الإمامِ الحسين (عليه السلام) رجلًا أعطى كُلَّ ما يملكُ في سبيل الله (تعالى)، حين وقّعَ صفقتَه بقُربانٍ مُقدَّسٍ في كربلاء مُناديًا: أرضيتَ يا ربّ؟!
وبذا أعطى (عليه السلام) للشهادةِ معناها؛ حيثُ انبثقتْ منها كُلُّ معاني الوفاءِ والحُرّيةِ والإنسانيةِ، ووهبَ للحياةِ معنى وللوجودِ معنى، حتى رسّخَ للمبدأ قواه الروحية، فتحوّلَ الإمامُ الحسينُ (عليه السلام) إلى مبدأ وعقيدة، ورمزٍ للتضحيةِ بالنفسِ في سبيلهما رغمَ خُذلانِ القوم له ووحدته وغربته.
كُنتُ أشعرُ عند النظرِ إلى قُبّتك بأنَّ الخلقَ قد اقترفَ بحقِّك ذنبًا لا يُغتَفَر، وأنَّ عليهم أن يقضوا أعمارَهم وهم يعتذرون منك، وأنّ كُلَّ ما نعلمُه أنَّ اللهَ (عز وجل) قد أودعَ حُبّك في قلوبنا، فوُلِدنا ونحنُ نُحِبُّك، نُحِبُّ قلبَك الذي أحبَّ القضيةَ أكثر من روحه وأنتَ تهبُ كُلَّ ما تملكُ فداءً للعقيدةِ ولنصرةِ الدين.
كُنتَ بارعًا في ذلك اليوم، يوم ولِدتَ..
يا تُرى ماذا فعلتِ السيدةُ فاطمة حين وضعتْك؟!
إذ لم يكُنْ يومًا عاديًا.. يومها نفخَ اللهُ (تعالى) من روحِه بطينِ الأنبياء، وأودعَ فيك سرًا نبويًا حيث حمّلكَ رسالةَ الأنبياءِ، ووضعَ فيك مهمةً المقدسة وهي عاشوراء..
يا سيدي..
أعرني أول دمعةٍ نزلتْ من عينيك حين وضعتك أمّك..
إنَّ هذه الدمعةَ فيها عاشوراء!
أعِرْني دمعتَك وابتسامتَك، وأنتَ تحمدُ اللهَ (تعالى) على ما كلّفك به، حيثُ جعلك مصباحَ الهُدى وسفينةَ النجاة..
حين وُلِدتَ، كُلُّ العالمين قَبّلوا يديك إلا جدّك محمدًا (صلى الله عليه وآله) قبّلَ نحرَك!
فكانت قبلتُه نبوءةَ العاشرِ من المحرّم..
بل كانَ ثغرَ الوحي، لا ثغر النبي!
يا مولاي
نحتاجُ تقبيلَ يديك لنحملَ صلاتَنا إلى الله (تعالى)..
0 تعليقات