تحقيق / مصطفى منير
لم تُصدق الشابه جنان التي تعدت الثلاثين من عمرها بقليل عندما قررت امها أن تأخذها إلى أحد السحرة، متأكدة بأن اخت زوجها فعلت لابنتها عمل شيطاني، والتي بسببها تدهورت حالة جنان ، ليكشف لها ماذا فعلت بابنتها وتطلب منه أن يعمل لها سحراً ليبطل مفعول سحر اخت زوجها، المبلغ الذي طلبه المشغوذ من ام جنان جعلها تفكر ببيع احد مصوغاتها الذهبية من أجل تعود حياتها إلى طبيعتها
فيما اختلفت قصة الحاجة أم سعدون والتي تسكن شرق بغداد، لتذهب إلى أحد السحرة ليفعل لابنها عملاً من الخرز والاحجار من أجل إيجاد فرصة عمل بعد سنوات عانها من البطالة، ليطلب المشعوذ مبلغاً قدره ( ٢٥٠ الف) لكي يفتح له باب رزق قائلاً لها بأن تنتظر ثلاثة أيام وبعد مرور أكثر من شهر اصيبت ام سعدون باليأس والإحباط عندما لم يجد ابنها فرصة عمل، الامر الذي جعله أن يفكر بالانتحار.
(ضحاياً الجهل )
فيما يستذكر المتقاعد الحاج نعمه طارق (٦٢ عاماً) أن أحد أقربائه قبل أعوام ذهب إلى رجلاً يدعي السحر وعند وصوله إلى بيته أخبره أن عملاً سحرياً كان هو السبب في تردي حالتهم الصحية والعائلية ليطلب منه بعد أن عرف بانه يعمل (دلال) في المنطقة القريبة من بيته مبلغاً يصل إلى مليون دينار مقابل أبطال السحر الذي يعيش في بيته منذ أكثر من خمس سنوات ليقوم المشعوذ بدق أنواع كثيرة من المسامير وأنواع من ( الخرز) الملونة والتي وزعها في زوايا البيت وبعد مرور ثلاثة أسابيع ليذهب الى المشغوذ من جديد ليخبره بأن مفعول السحر لن يأتي بنتائج ليكتشف بالنهاية أن الأمر عبارة عن (نكتة) كان هو ضحيتها.
( سحر حقيقي)
فيما يروي الدفان شامل سبتي والذي يعمل حفاراً للقبور في مقبرة وادي السلام منذ أكثر من عشرة أعوام بعد أن ورث المهنة من والده ليقول أن السحر حقيقي وقد ترك آثاراً سلبيه وإيجابية على الكثير من الناس ولكن شهدت السنوات الاخيرة وتحت هذه الخيمة الروحانية ظهور وبروز مجاميع كثيره تمارس النصب والاحتيال لتبتز المساكين والفقراء وعديمي الثقافة فالبعض صار يصدق ان ( صابونة غسل الميت) باتت تكلف 500 دولار لأنها تأتي بنتائج كبيرة عند استخدامها في تفعيل وصناعة أنواع السحر والشعوذة.
فيما يروي سائق الستوتة ماجد عبدالله( ١٧عاماً) ، والذي يعمل في مقبرة وادي السلام منذ سنتين بأنه شاهد الكثير من النساء في الصباح الباكر والبعض منهن نقلهن بمركبته ليقومن بدفن رزمه من الأوراق مجهولة المعنى والبعض يحمل صور ورموز وطلاسم وأحياناً قطع من الملابس وبعض الاحيان يرى الاقفال والمسامير مشيراً على أن الأعمال جميعها تُكتب عليها آيات قرآنية (بالمقلوب) ويتابع مضيفاً أنه شاهد عدد كبير من الناس وهم يقومون بسرقة عظام الموتى من القبور القديمة المتهالكة لاستخدامه في السحر .
(رأي شرعي)
رجل الدين هاشم الشرع وهو أحد طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف، تحدث عن السحر ليقول أن السحر حقيقة لا يستخدمه الا المشعوذ ويُحرم فعله وتعليمه وتعلمه والتكسب به وحتى السحر المستخدم في إبطال السحر يُحرم الا اذا توقفت عليه مصلحة أهمّ كحفظ النفس المسحورة.
( نص قانوني)
فيما يروي الخبير القانوني أحمد يوسف دولاب بأن القانون العراقي لم يتطرق بنص عن المشعوذون لكن القضاء يقوم بتكيف حالة الشعوذة بالنصب والاحتيال المادة ٤٥٦ كون الركن المادي للجريمة هو ايهام الاشخاص واقعه ليس لها وجود وبين دولاب أن محكمة التميز الاتحادية استقرت على أن تكون الجريمة نصب واحتيال وظرف مشدد وأشار دولاب على جريمة (نبش القبور) وفق المادة ٣٧٤ تُعد انتهاكاً لحرمة الميت والتي يعاقب عليها القانون بالسجن لسنتين بشرط إثباتها بالجرم المشهود واختتم كلامه بطلب من السلطة التشريعية ان تقوم بتعديل قانون العقوبات ومواكبة الجرائم التي تواجهنا في الوقت الحاضر.
( أساطير وخرافات )
عندما يعجز الانسان عن تفسير الظواهر والحالات المرضية والنفسية التي يتعرض إليها يلجا الى الامور الغيبية والروحانية التي تربى عليها خلال التنشئة التي تلقاها من والديه او المحيط الذي تربى به حيث ان بيئته اعتمدت على الاساطير والخرافات والخوف من المجهول مثلا اذا ارادت الام ان تمنع طفلها من الخروج تقول له
( ادخل لئلا ياتيك الجني ) هذا ما ابتدأ به الباحث الاجتماعي ( ولي جليل الخفاجي) مواصلاً حديثه { وكذلك يشاهد اهله يعلقون اشياء في بيوتهم لطرد السحر والمخلوقات الغربية كقرن الحيوان وغيرها فالطفل في هذه الحالة يتصور ان الامور جميعها تعالج بهذه الطريقة ولا داعي للذهاب الى الطبيب والمختصين وحتى اذا تاخر احدهم بالانجاب او تاخرت احداهن بالزواج تقوم العائلة باللجوء الى السحرة والمشعوذون لحل المشكلة فالخوف والجهل والخلفية الاجتماعية والترويج الاعلامي كفيلة بان تكون اداة مساعدة لهؤلاء من السيطرة على اذهان وتفكير الناس}
وبين (الخفاجي) أن دور منظمات المجتمع المدني بهذا الجانب فهي قليلة وضعيفة بسبب عدم ذهاب تلك المنظمات الى مناطق انتشار هذه الحالة ومعرفة أسباب انتشارها مقارنة مع حجم الظاهرة كذلك لم نرى دورا بارزا للمؤسسات الحكومية حيث يقوم هؤلاء بممارسة اعمالهم بكل حرية سواء بالمكاتب الخاصة والبيوت او عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي واختتم قوله نحن بحاجة الى تفعيل القوانين التي تحد من هذه الظاهرة ونشر الوعي المجتمعي من خلال الاعلام والمنبر الديني.
0 تعليقات