عراق

حكاية الايام الحلقة الرابعة

(حكاية الأيام )  الحلقة الرابعة
  بقلم :_ وجدي نيازالدين أكبر   




من أسمى معاني الأنسانية هو التعامل الحسن مع الناس والمواطنة الصالحة روعة ما قاله الأمام علي (ع) بالمناسبة( احسنوا الى الناس حتى اذا غبتم يذكرونكم واذا متم يبكون عليكم)...بين أيدينا مقالة عن رجل حرم من نعمة البصر ولم يحرم من البصيرة والحكمة وحبا الله بروح الأحسان والكرم حتى جعلني احسانه أن أذكره بأسطر قليلة وأنا موقن لا أوفي حقه فيها ...انه(لطيف حسن موسى) نعم انه اسم على مايسمى وهو من مواليد عام 1802م في مدينة طوز خورماتو من أبوين تركمانيين ، لقب ولده علي ب(كونده) أحفاده ما زالوا يكنون بنفس اللقب  والناس اختار لهم تلك الكنية لقصر قامتهم وضالة أجسادهم ، لطيف كان أب لذكر اسمه (علي) ولأنثى اسمها(درسون) أما قصة لطيف وأحسانه فهي كما سمعتها من أستاذنا القدير علي معروف أوغلو اذ قال لي كنت في عهد صباي في عمر(12)سنة كسر ساق والدي تحديدا سنة1937م زاره علي ابن لطيف وهو من مواليد1855م وتحدث لوالدي قائلا :_ان أبي كان ضريرا وذات يوم حل لنا ضيفا رجل هو رئيس عشيرة(آغا) الكردية من منطقة (دزه ي) التابعة لمحافظة أربيل فقال وصلتكم بعد  سؤالي المتواصل عنكم في مسيرتي الجهيدة وعقب ما رحبنا به سألناه عن حاجته فقال زوجتي أصيبت بكسر في فخذها لم يقدر أي مجبرجي في مدينتنا (دزه ي) من معالجته لكون الكسر معقدا وفي نقطة حساسة من الجسم الا ان أحد معارفكم بين لنا هكذا كسر لايعالجه أحد الا (لطيف) من مدينة طوز خورماتو، والدي لبى طلبه واصطحبني معه لأعانته لكونه ضرير وانا أبن(10)سنوات ركبنا البغل وانطلقنا برفقه الرجل صوب منطقة (دزه ي) والحادث كان أحد أيام عام1865م فوصلنا دار الرجل فرحب  بنا هو وأهله أي ترحيب فقال الرجل لوالدي : أنا في حيرة من أمري لأن موضع الكسر لا يحل لأحد لمسه أو رؤيته الا سواي والنساء ، بودي أن أطلقها مؤقتا لتتزوجها أنت حتى يحل لك تجبير كسرها ثم تعيدها الي بطلاق عقب شفائها فأجابه والدي لماذا تطلقها؟ :أنا رجل أعمى لن أراها ولا ألمسها فأتني بوسادة فأعطوه الوسادة فكشف الكسر بواسطة الوسادة ثم طلب من زوجها تجبير موضع الكسر.... مكثنا في دارهم أكثر من شهرين حتى شفيت المرأة ووقفت على رجليها... شكرنا الرجل فاستأذنا منه لنعود الى ديارنا فأبوا الا أن يزودوننا بحمل(5)بغال من الحنطة والشعير والرز والدهن الحر جزاء ما قدمناه له من خدمة وعند رفضنا لهبتهم تلا الرجل قول الله تعالى(هل جزاء الأحسان الا الأحسان) فقبلنا الهبة شاكرين وظل الرجل رحمه الله أن يرسل  لنا كل عام بنفس الكمية من الهدايا  حتى وفاته ، وحدثنا (علي لطيف)أيضا عن مآثر والده قائلا:_أتانا شيخ من شيوخ العرب من احدى القرى وشكى لوالدي : ان ولدي قد أصابه خلع في رجله من أعلى الفخذ أي من مفصل الورك تحت الحوض  ولم يستطع أي مجبرجي من اعادته الى مكانه : لبينا طلب الرجل وذهبنا معه الى داره في القرية ومكثنا عنده عدة أيام فسأله والدي : هل عندكم بقرة؟ قال الشيخ : نعم فقال والدي : تعلفونها ثلاثة أيام ولا تسقونها ففعل الشيخ بما أمره والدي وبعد ثلاثة أيام أركبنا المصاب ظهر البقرة وربطنا رجلي الولد من قدميه بحبل متين تحت بطن البقرة وعندها طلب والدي اسقاء البقرة ففعلوا ذلك وأخذت البقرة تتنفس شيئا فشيئا حتى انتفخت بطنها تماما حينئذ عاد المفصل الى مكانه ووصى والدي أهل المصاب أن لا يقوم ولدهم من مكانه لمدة شهر حتى يشفي تماما ، أيها القاريء العزيز لا غرابة اذا تجد مثل هذه المهارة  أو الحنكة في طبيب مختص جراحة ومعالجة الكسور ولكن هذه المعرفة عند رجل أُمي وضرير تعد معجزة الهية في قوله تعالى(يؤتي الحكمة من يشاء) ويضع سره في أضعف خلقه ، الجدير بالأشارة ان بصيرة (لطيف) قد انتقلت الى ابنته(دورسون) ومنها الى حفيده من (دورسون) الحاج(أحمد دورسون) المتوفى سنة1987م عن عمر ناهز ثمانين سنة بعد أن عالج أجيالا من المصابين بالكسور وانتهت الخبرة عنده لكونه عقيما ولم يخلف, أما أحفاد (لطيف) من ولده الوحيد (علي) هما (أكبر محمد لطيف):_أولاده :_( أصغر ، جعفر ، انور ، علي ) الباقي منهم جعفر فقط ، وكذلك(محمد علي لطيف):_أولاده:_(رشيد ، ولي ، نجاة ، قاسم) الباقي منهم هو قاسم المكنى ب(قاسم كوندة)الذي لا يزال يسير على نهج جده في فعل الخيرات من غسل الموتى وايصال المعونات والمؤنات الى المعوزين فجزاه الله أحسن الجزاء هذا ولكم مني أطيب التحيات

إرسال تعليق

0 تعليقات