عراق

قراءة لكتاب ليطمئن قلبي


قراءة لكتاب ليطمئن قلبي 
بقلم تقى عبدالله الفائزة بمسابقة القارئ الذهبي ضمن فعاليات رابطة ليسزتومانيا الثقافي 



اسم الكتاب: ليطمئن قلبي
اسم الكاتب: أدهم شرقاي
عدد الصفحات: 338 صفحة
التصنيف: رواية عربية
تاريخ النشر: 2019

حمل هذا الكتاب على متن سطوره إبداع خطته أنامل أدهم شرقاي، حيث استهل الكتاب بانفرادية مميزة بمقدمة تبدأ بـ (أما قبل). حيث سطّر بعدها  كلمات كأنها رصاصات  توجه للشخص المنشود    وتشله عن الرد لشدة وقعها على النفس حين قال: "أعدكِ أن تكون هذه المرة الأخيرة التي أكتب فيها عنكِ، وحين اقول الأخيرة هذا يعني أني اشيعكِ لا أوثقكِ. هذه الكلمات جنازتك وأنا الان احملك إلى مثواكِ الاخير، احفرُ قبركِ سطرًا سطرًا وأهيل عليك الحروف".
 تضمنت هذه الرواية اهم القضاية الاجتماعية التي نراها متفشية في مجتمعنا الان وهي" الحب". سرد فيها قصة حب وقعت بين طالب جامعي اسمه كريم وموظفة بنك اسمها وعد، التقيا صدفةً في حافلة كانت تقل الركاب من مكان الى اخر، وكما المعتاد عند لقاءنا ببعض الغرباء نتجاذب  أطراف الحديث علّنا نقضي وقت السفر الطويل بمتعةٍ اكثر. إحتوت هذه الرواية مفهوم الحب من أوسع أبوابه ومن كافة تقلباته  وأخذته من جميع مفاهيمه سواء كانت دينية، فقهية، معتقدية وكل ما يتبادر إلى اذهاننا  من اوهام  او تراودنا اضغاث وكل شاردة وواردة  افتعلت بإسم الحب معززٍ كلامه وموثق حجته بكتب ومراجع لا يتناقش إثنين في صحتها. كانت هذه الرواية تكتب  بلسان حال  كريم، بنبرة عتاب  وهو يستذكر  مع وعد قصة حبه لها وكيف خذلته بإسم الحب، فنراه تارةً نار الاشتياق تلظى وتتضرم في قلبه فيستذكر أجمل لحظات قضاها معها ويخبرها عن الخالة آمنة وكيف ناضلت مرض السرطان وحاربته بثقة وتوكل الى أن وافاها الأجل ولقيت ربها راضيةً مرضية، العم أحمد وشمعته التي توفيت وكيف أن اللحظات الجميلة قصيرة الأجل وسريعة الزوال ولكنها عميقة الأثر وطيبة الذكر مما تدفعه وهو بمنتصف الستين، ضرير البصر،  يذهب إلى زيارة مريم. ريحانة  التي  حُرمت من الأطفال وكانت عاقر ولكن الله عوضها وجعلها أُمًا لمئات الأيتام، توم وجيري هشام وماهر  والقضايا التي كانا  يرتشفا سيرتها عن الإلحاد وحكمة الله في كل شي  وعظمته التي لا يفقهها ويعقلها  من غلف قلبه عن الحق، وكذلك الرأسمالية وحديثهما الذي لا يجف نبعه الى حين نزلوهما من الحافلة. وتارةً أخرى يتسائل ماهي الكلمات التي من الممكن أن تقال لشخص مات وهو على قيد الحياة؟ كيف نعزي هؤلاء الاشخاص وما الكلمات التي تفترض ان تقال في مثل تلك المواقف؟ كان يكرر دائما "أتذكرين يا وعد".  كأنه يناجيها فقد  أودى به الجوى واستعرت النيران داخله. كل هذه الأحداث صورها لنا أدهم شرقاوي بأسلوب يجعلك تشعر وكأنك تقرأ حِكم وليست مجرد أحرفٍ متراصة بانيةً كلمات وسطور،  فقد لخص لنا الحب، تلك الضالة  التي يبحث عنها الجميع ويهربون منها في نفس الوقت، لا تتعجب فالبشر متناقضون لأبعد حد، وفيها الألم المعلم القاسي الذي لا يتوانى عن تلقين دروسه، وفيها الفقد ذلك الثقب الاسود الذي يبتلعك ولا يتسنى لك الخروج منه، وأن حياة الإنسان  ستمر بكل الفصول حتى وان اخترنا عنوان يؤطرها ويوجهنا إلى فكرة محددة. 

➖ تقى عبدالله

إرسال تعليق

0 تعليقات