عراق

هدى العلي. الكتابة هي جرائم قتل يرتكبها الكاتب

حاورها الاعلامي علي عودة



كفراشةٍ تحمل بين طيات اجنحتها الكثير من الأفكار والامنيات،، تتدفق كموسيقى دافئة تَسمعُ عذوبتها بقلبك لا بالاذان 
هدى العلي  ترى "الكتابة" فطرة عند  البعض له الحق أن يؤلفَ  حتى وان لم يكن قارئاً لرواياتٍ عالمية ، وان النجاح وتميز يبدأ من الكاتب نفسه  فجميع الكُتاب كانت ظروفهم  قاسية الا انهم حاولوا ونجحوا، اثناء حديثنا معها  برعت في وصف افكارها وحملت أجوبتها في كل سطرٍ صورة عميقة عنها حتى وصفت "الكتابة"  بجرائم قتلٍ! يرتكبها الكاتب.

 المبدعة بدأت مشوارها  بتأليف الحكايا شفويا وكتبت قصص قصيرة
عن لحظات الأخيرة في حياة ضحية من ضحايا مجزرة سبايكر. 
 
ونحن نحاورها التمسنا الابداع والتميز في صراحتها فهي اطلقت العنان لافكارها على بساط سحري حلقنا معها الى حيث الثقافة والجمال 

 وحظينا بحوار لطيف معها

_كيف يمكنك تقديم نفسك للقراء؟ 

هُدى العلي، عمري ٢٧ سنة
خريجة معهد طبي، وأعمل كموظفة على القطاع الصحي 

__متى بدأتِ الكتابة،  ومن اكتشف موهبتك؟ 

الغريب بقصتي، بإنني لم أبدأ الكتابة بل بدأت تأليف الحكايا شفوياً منذ المرحلة الأبتدائية حيثُ كنتُ ألعب (بيت بيوت) مع بنات خالاتي، ولكنني بدأت تدوين أفكاري بالمرحلة الاعدادية، لم يكتشف موهبتي أحد، كُنتُ أنا من تعرفتُ على نفسي

ـــــ بمن تأثرتِ من الأدباء في بداياتكِ؟ 

لكي أكون واقعية وصريحة فأنا تاثرت بقصص الرسوم المتحركة أكثر من الأدباء فهي من سمحت لمخيلتي بالأنطلاق ووسعت حدود الخيال لدي، أما اذا كانَ عليَّ أن أُجيبك على سؤالك فقد تأثرتُ بالكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي وبالكاتبة الإيطالية إيلينا فيرانتي 

_ ماهو أول موضوع كتبتِ عنهُ؟ 

اذا قُلنا كـ كتابة أي ليست القصص الشفوية التي ألفتها بطفولتي، 
فقد كتبتُ قصة قصيرة عن شعور شاب كان أحد ضحايا مجزرة سبايكر، وعن لحظاته الأخيرة، ذكرياته الأخيرة، وكيفَ إنه تذكر مواقف وأشخاص ليسوا ضمن دائرة أهتماماته وليسوا يمثلون دوراً بحياته اليومية بشكل مستمر، 
تكلمتُ عن التوتر والرعب في تلك اللحظة، عن الاستسلام للجلاد وعن شعور أن تكون ضمن طابور الموت، 

ـــ ماهو الكتاب الذي أثر بكِ بشكلٍ كبير، وتمينتِ لو أنكِ كنتِ مؤلفتهُ؟ 

رواية "الجريمة والعقاب" لفيودور دوستويفسكي، فإنني أؤمن بأن دوستويفسكي قد ولِد ليؤلف رواية الجريمة والعقاب ويغادر، 
لم تكُن كغيرها من الروايات، هل من الممكن لأنسان سوي أن يتعاطف مع مجرم قتلَ أمرأتين بفأس بنفس الساعة، 
أنا فعلت، وتعاطفت، وكُل من قرأها تعاطف مع راسكولينكوف 

__ما هي المعوقات والمشكلات التي واجهتكِ في بدايتكِ في مجال الكتابة؟ 

كنتُ أنا العائق الوحيد
فحينها لم أملك الثقة الكافية لأظهر نصوصي الى النور، كُنتُ دائما ماأشعر بإن هناك عيوناً تراقب حروفي وتقيمها وفقاً للوضع الأجتماعي، 
لاتكتبي هذه الكلمة (عيب)
لا تتجرأي بهذه الجملة(ربما حرام) 
كيف ستكون نظرة أهلك واصدقائك إن تعريتي بأفكارك أمامهم 
لكنني تغلبتُ على هذه العيون من خلال قتل هذه الكلمات ومحيها من قاموسي الأدبي

___ روايتك " بين صلاةٍ وأُغنية" كيف استلهمتي فكرتها حدثينا عنها؟ 

(بين صلاةٍ وأُغنية) هي نتاج مشاعري وليست أحداث من حياتي، نتاج ذكرياتي، 
نتاج المراقبة فأنا أينما أكون وحيثما أجلس أترك العنان لنظراتي لتتبع كُل حدث وكُل شعور لمن حولي، فأدونها بذاكرتي لتتقافز على الورق فيما بعد 
أغلب ما ذُكر بالرواية كان قد حدث وليس شرطاً بأنه حدث معي، ربما مع أصدقائي ربما كانت قصصاً لشخصياتٍ ولدوا بعصور قبلنا، ربما لأُناسٍ سيولدون فيما بعد، رُبما أنا أداة للكتابة فقط .

_ برأيك هل على الروائي أن يكون مطلعًا على الأعمال العالمية بشكل مستمر ؟ وهل يؤثر ذلك على مدى إبداعه؟ 

برأيي كتابة الرواية هي موجودة بالفطرة لدى بعض الاشخاص دون عن غيرهم، يمكنك التأليف أن كنت تملك هذه الموهبة دون قراءة الروايات العالمية، 
لكن، الروايات العالمية والحائزة على جوائز عالمية كجائزة نوبل، ستهذب ذوقك الأدبي وترتقي بمخيلتك وطبيعة كتاباتك، 
إنها كالغذاء الصحي، تجعل كتاباتك غنية بالصور اللذيذة

__هل هناك دور للثقافة والنشر تدعم الموهبين الجدد؟ 

بصراحة لستُ على دراية كافية بهذا الموضوع، 
لكن إن تكلمتُ عن تجربتي ف مؤسسة إبجد للنشر والترجمة والتوزيع كانت قد تبنت روايتي وتمت طباعتها على نفقة الدار. والشكر الموصول طبعاً لمدير المؤسسة الأستاذ حسين نهابة ، بعد إن أقترحها عليه الكاتب الكبير (برهان الشاوي). 

__برأيك ما هي أهم عوامل نجاح أي كاتب؟  

لايوجد عامل أساسي لنجاح الكاتب غير نفسه، 
فجميع الأدباء فيما مضى كانت ظروفهم المعيشية قاسية إلا إنهم حاولوا ونجحوا، 
وللنساء الكاتبات النصيب الأكبر من المعوقات إلا إنهن سطعن بكتاباتهن بعد المحاولات الكثيرة، 
وبزمننا الحالي الكُتّاب المشاهير على السوشيال ميديا هم الأشهر لكن من يبقى هو الأنجح، وشتان بين الشهرة والنجاح 

_هل لبيئتك دور في تنمية موهبتك ومهارتك في الكتابة؟ 

إطلاقاً، فـ بيئتي لم تكُن مناسبة للكتابة ولا بأي شكل من الأشكال.. لكن على مايبدو كان صوت أفكاري وخيالي أعلى من الواقع فقفزت الشخصيات من رأسي لروؤس القراء . 

_كيف ترين الكتابة هل هي بوح، عملية استشفاء، هروب من الواقع ام مواجهة مع الذات؟ 

إن الكتابة برأيي هي جرائم قتل، فأنت تقتل ذكرياتك بالبوح عنها، وإن كانت ذكرياتك هي وليدة الخيال فأنت تقتل شعورك الذي يتشابه مع شعور الشخصية لكن بموقف آخر، أنت تقتل اللحظة السابقة، لكن الحق يقال إن المقتول بهذه الجريمة مُخلد بالأذهان، 
لذلك أقول بإنها جرائم دون عقاب . 

_لكل كاتب هناك رسالة يريد ايصالها للمتلقي ماهي رسالتكِ لقراءك؟ 

دائماً ماأهدف للتقبل، 
تقبل الآخر، تقبل الموقف، أهدف للحيادية 
إن لم يكُن أختلاف الآخر عنك يهدد حياتك وحياة عائلتك او وطنك، فتقبله 
لولا الأختلاف لكُنا جميعاً نسخ متشابهة ومملة 

_الكاتب يحمل قضايا سامية بداخله هل قضايا المرأة تأخذ حيزاً من تفكيرك؟ 

بالتأكيد، المرأة هي المادة الخام للأدب والموسيقى والفن بشكل عام .
وقضاياها تشغل الحيز الأكبر من كتاباتي، فقد كتبت عنها الكثير والكثير بروايتي (بين صلاةٍ وأغنية) 

_برأيك. كيف يمكن أن يتوفّر للكاتب التوازن بين العزلة الملهمة، وبين التفاعل والاحتكاك مع الطبيعة والحياة بشكل عام من جهة ومع الجمهور من جهة أخرى من أجل الكتابة؟ 

واقعاً لايوجد توازن بينهما لدى الكاتب، وهذه أحد أسباب بلوك الكاتب، وكذلك تأخره لإنهاء كتابه أو روايته، 
فهو إن مارس حياته بشكل طبيعي من خلال الاحتكاك بالناس والطبيعة ماهو إلا تجميع لأحداث ومشاعر لتُصبح مادة للكتابة خلال فترة العزلة الملهمة، فأنا مثلاً لايمكنني أن أمارس عملي منذ الصباح حتى الظهيرة ثم أكتب ليلاً، لا أستطيع .
أترك الكتابة لأسابيع أو لشهور ثم أعود أكتب بشغف أكبر .

_يقول أنطونيو تابوكي "ينسى جيل الشباب أن هدف الكاتب هو الكتابة، لا الظهور والتحوّل إلى شخصية عامة " ألا تتفقين معي أن منصات التواصل الاجتماعي عززت مخاوفه بأن يستغل البعض - خاصة الكُتاب الجدد - الأدب كوسيلة للظهور كشخصية عامة مشهورة؟ 

بصراحة لاأتفق، إن كانت الكتابة ذات رسالة أدبية حقيقية فـ ستتناقل عبر الأجيال وتُخلد، حينها أن أشتهر كاتبها فهو يستحق .
أما إن كانت الكتابة رديئة حتى لو أشتهر كاتبها وقرأها مليون شخص، لن تولد مع الأجيال اللاحقة، فجميع القراء يصلون للمرحلة التي سينبذون فيها الكتابة الرديئة وتبقى فقط الكتب التي تستحق ان تبقى .

_فيما تتمثل مشاريعك المستقبلية في مجال الكتابة والإبداع؟ 

بعد إن أطلقت روايتي الأولى وأنتهيت من كوابيس شخوصها، فكوابيس شخوص روايتي الثانية بدأت تنخر رأسي، 
أي مشروعي هو رواية ثانية .

__ماهي الحكمة أو المقولة التي تُؤمن بها الكاتبة هدى؟ 

ذروة عطاء الأنسان تكمن في العشرينات من عمره، 
قرأتها في مكان ما، لاأذكر أين ومتى

_ لمن تقولين شكرا لوقوفك بجانبي؟ 

أختي الكبيرة، وشخص مقرب مني 

_كلمة اخيرة لوكالتنا؟ 

إنني ممتنة لكَ ولوكالة صدى الثقافية على هذا الحوار المميز، ولأسألتك فكما عرفتموني من خلال الأسئلة فأنا أيضاً تعرفت على نفسي من خلال أجوبتي عنها .

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. ❤️❤️

    ردحذف
  2. ابدعتي عزيزتي هدى واتمنى لك الإبداع والتوفيق دائما

    ردحذف