عراق

لجوء الأطفال إلى الشارع وعدم الارتياح في المنزل




إعداد: هبة ماجد ناجي 

تشردّ الأطفال 
تراه جالساً على قارعة الطريق، لا تكفيه ملابسه الممزقة لتقيه من حر الصيف ولا من برودة الشتاء القاسية بقدر كسرة الخبز التي يحملها في يده فلا تسمنه ولا تشبعه، تلمع في عينيه أحلام الطفولة التي سُلبت منه عندما شاءت الأقدار ووقع فريسة للتشرد، فلا طائرة ورقيّة يلهو بها كأقرانه، ولا مقعد مدرسة يبني له مستقبلاً واعداً ولا دفء أسرة يمنحه العيش بسلام، فسحقاً لآفة التشرّد التي تقلب موازين الإنسانية رأساً على عقب، وتترك الأطفال هائمين على وجوههم دون معيل أو كفيل أو راعٍ.


من أهم أسباب تشرّد الأطفال
التفكك الأسري الذي يرمي بالأطفال في عرض الشارع، وتخلّي الأم والأب عن دورهم المقدّس في رعايتهم، كما تلعب بعض الظروف في زيادة نسبة تشرّد الأطفال، وذلك من خلال انتشار عمالتهم، وتوليهم مهاماً أكبر من عمرهم بكثير، تتمثل في تحملهم مسؤولية الإنفاق على أسرهم، وخطورة تشرّد الأطفال لا تقتصر على ضياعهم في الطرقات، ونومهم خارج البيوت ودور الرعاية وحسب، وإنما يمتدّ إلى مشاكل أعقد من هذه بكثيرٍ، وتتمثل في انتشار ظاهرة التسوّل وما ينتج عنها من ظواهر خطيرة أخرى كالسرقة والجريمة والاستغلال الجنسي وغيرها من مشاكل.

ان سئل سائل عن حل هذه المشكلة الخطيرة
فسيكون في تعاضد الحكومات والدول، وبالتنسيق الجماعي الذي يجب أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات الخيرية ودور الرعاية، وتبرز هنا أهمية دور الرعاية وقرى الأطفال وملاجئ الأيتام، لتكون ملاذاً آمناً للأطفال الذين لا يمكن أن يلتمّ شمل أسرهم، نتيجة موت الأم والأب، أو لكونهم أطفال مجهولي النسب.

الأطفال أمانةٌ في أعناقنا جميعاً، وتربيتهم ورعايتهم هي حقٌ لهم وواجبٌ على الجميع، لأن الطفل الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى لنا من حقه أن يعيش طفولته على أكمل وجه، وأن يتلقى تعليمه حتى النهاية، وأن يعيش وسط نظامٍ أسريٍ مترابط، كي نربي جيلاً واعياً، لا يحمل في قلبه الحقد والضغينة تجاه مجتمعه وأفراده، ويكون في مجتمعه عامل بناء وتطور لا هدم وخراب.


يزيد عدد الأطفال المشردين الموجودين في العالم 
عن 31 مليون طفل في أواخر عام 2017 م، منهم 13 مليون لاجئ، و17 مليون طفل من اللاجئين النازحين داخل أوطانهم، إضافةً إلى 936 طفل من طالبي اللجوء، وغيرهم من الأطفال المشرّدين بفعل الكوارث الطبيعيّة، وهم غير مدرجين في السجلات الموضّحة لهذه الأعداد، هذا إلى جانب ما يقارب 2.5 مليون طفل من اللاجئين الفلسطينيين المدرجين في سجلّات الأونروا، وقد ازدادت أعداد هؤلاء المشرّدين من 4 ملايين إلى ما يزيد على 10 ملايين خلال أعوام 2005-2017م، حيث ارتفع عدد الأطفال بنسبة 123% خلال أعوام 2010-2017م، وذلك بموجب ولاية مفوّضية الأمم المتحدة، وعلاوةً على ذلك تمثّل نسبة اللاجئين الأطفال ما يساوي 52% من لاجئي العالم في عام 2017 م، وذلك رغم أنّهم لا يزيدون على 1/3 عدد السكّان في العالم.

ظاهرة أطفال الشوارع 
تُعدُّ ظاهرة أطفالِ الشّوارعِ ظاهرةً مُنتشرةً بوضوح في كافّة المُجتمعات في أنحاء العالم؛ إذ صرّحت الأُمم المُتّحدة أنّ ما يزيدُ عن 150 مليون طفل في مختلف أنحاء العالم في وقتنا الحاضر، يُصنَّفون ضمن أطفال الشّوارع؛ إذْ يُجبَرُ الكثيرُ منهم على كسبِ لُقمة عيشهم بطُرقٍ مهينة، مثل: الاستِجداء، والبحثِ في القمامة، وبيع البضاعة البسيطة كباعةٍ مُتجوِّلين في الأحياء والمُدن الفقيرة. فمن هم أطفال الشّوارع، وما الأسباب التي دفعتهم لأن يكونوا كذلك، وما نتائج هذه الظّاهرة؟

وتتحدث لنا باحثة اجتماعية عن ما يخّلفه التشرد من مشاكل نفسية في المستقبل وغالباً مايقوم المتشرد بأفعال غير صحيحة كونه لم يعيش في بيئة صحية وعدم وجود الوالدين يؤثر على الأطفال سلباً

أظهرت الدراسة التي قاموا بها بعض المسؤولين حول تشرد الأطفال والتي قابلوا فيها الأطفال المشردين لمعرفة الأسباب وراء تشردهم، وقد كانت أبرز الأسباب للتشرد هو الفقر، إذ أن الأطفال بحاجة إلى حماية ودعم من الحكومات على الصعيد العالمي، كما دعى الأطفال المشردين للحدّ من أوجه عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعيّة التي تجعل الأطفال يتجهون للشوارع، إذ يوجد الكثير من الأطفال ممن يُعدّون الشارع بيتهم، بالإضافة لبعض الأطفال الذين يعيشون بأسرة ذات مستوى معيشي مرتفع، إلا أنهم يقضون معضم أوقاتهم في الشارع؛ وكانت الأسباب وراء ذلك وجود تفكك أسري وكثرة المشاكل في الأسرة، مما يجعل الطفل يشعر بعدم الارتياح في المنزل ويلجأ للشارع. وأيضًا عندما يقرر الوالدان الانفصال عن بعضهما، فإن ذلك يؤثر على حالته النفسيّة ويجعله يشعر بالضيق والخسارة، مما يجعله يفقد والديه والمنزل بأكمله، وغالباً ما تزداد المشاعر سوءًا مع مرور الوقت، كما يسبب اضطرابات لدى الطفل بسبب الإنفصال، ورغم ذلك إلا أن للوالدين الدور الأكبر في حياة طفلهم لجعله يتخطى ذلك الأمر مع مرور الوقت دون أيّ مصاعب. 

إرسال تعليق

0 تعليقات