تحقيق: مصطفى محمد علي
يعاني الكثيرون من صعوبة في الحصول على قسط وافر من النوم أثناء الليل، للراحة والتعويض عن يوم متعب قضاه الشخص في العمل أو الدراسة، أو أي مجال اخر، ألا أن النوم المريح أصبح في أحيان كثيرة مراد صعب المنال في ظل الاستخدام السيء " للموبايل " ومواقع التواصل الاجتماعي. ففي ساعة متأخرة من الليل، وعندما تكون قد دخلت في مرحلة النوم العميق، يأتيك أشعار من احدى شركات الاتصال ليخبرك، أن الشركة صرفت لك تعويضا عن المكالمات التي أجريتها هذا اليوم، وذلك لاشتراكك في خدمة معينة.
وحالما تحاول أن تستعيد هدوئك وتسترخي لتواصل نومك، استعدادا ليوم عمل جديد، يقطع عليك صديقا، يبدو انه يعاني من الأرق، بمنشور يصلك أشعار منه، يسلب النوم من عينيك، فيما يواصل أخر مشوار الإزعاج الليلي برسالة، تحمل تمنياته بيوم مبارك ونهار سعيد، ومع طيب التمنيات وصدقها، لكن هذا لا يعني اننا قضينا ليلة هانئة.
*إزعاج ليلي !!
ويشیر الصحفي جمال الأمین، الى انه مستاء من اشعارات رسائل احدى شركات الأتصالات، التي تصله عند الفجر يوميا، لتخبره ان الشركة اضافت الى رصيده، كذا مبلغ نظير اشتراكه في خدمة (يوم عليك ويوم علينه) وتتسبب له بحالة من الأرق. ويضيف " لا أعرف ماهي الضرورة القصوی التي تجعل الشركة ترسل هذا الاشعار في هذا الوقت؟ لتقلق راحتنا، أليس من الأفضل أن ترسل الأشعار في العاشرة صباحا، حينما يكون جميع المشتركين في حالة اليقظة.
وتذهب د. سندس سرحان ( أستاذة جامعية )، في أتجاه أخر، أذ تقول" انني لا انزعج من الاشعارات الليلية، لأني في الغالب أطفئ جهاز الهاتف عند النوم، وعندما أترك الجهاز مفتوح، لا أتفاعل مع الاشعارات خلال الليل، وفي الصباح أطالعها ". وتضيف " الانسان حر، وممكن أن يستخدم جهازه بالوقت الذي يحدده ".
*غياب العقلانية
فيما يصف حسين نعيم (محامي ـ ٢٨ عاماً) هذه الظاهرة بقوله " أن ما يعكر صفو الحياة، هو غياب التنظيم والعقلانية في التواصل الإلكتروني مع الأخرين، ذلك أن وجود الأصدقاء في مواقع التواصل، ليس معناه، أن نراسلهم في أي وقت، ونعكر صفو حياتهم، ونرسل لهم تمنياتنا الصادقة بأن يكون يومهم مبارك، وندعو لهم بالموفقة والسلامة من شرور كرونا، عند الفجر ".
ويتابع " اختيار الوقت المناسب للنشر والتواصل، أمر مهم لكي يتفاعل مع رسائلنا الاخرين، لكن الاختيار الخاطئ يؤدي الى حالة من التذمر وأن لم تصدر ردود أفعال علنية من الأصدقاء، لكن إشعارات أخر الليل قطعا مزعجة وتلحق الضرر ببقية الأصدقاء، ومن الأفضل أن تكون ساعات الفجر للراحة والهدوء والسكينة ".
*أهمال الاشعارات
وترى نور (طالبة في كلية الطب)، أن الطبيعة جعلت من النهار وقت صحو ونشاط وعمل، فيما جعلت من الليل وقد هدوء وراحة ونوم، وقد اعتاد الناس في السابق أن يقضوا أوقات الليل في الظلام، لكن الأن أصبحت الضوضاء الصناعية تحيط بهم حتى الصباح، وقد توصل باحثون إلى ان ذلك يمكن أن يؤثر على انتاج الجسد لهرمون الميلاتونين، والذي يساعد في الأساس على النوم . وتضيف " وبمعنى أخر، إٔذا كنت لا تهمل اشعارات مواقع التواصل الاجتماعي، أو تقفل الاشعارات خلال الليل، فاعلم انك مقبل على ليلة صعبة، ونوم مضطرب".
وتوضح الباحثة الأجتماعية في كلية التربية للبنات د. زينب صالح، أن " هناك ثلاثة مليارات شخص حول العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، أي ما يعادل ( 40 %) من سكان العالم، كما إننا نقضي في المتوسط نحو ساعتين يوميا في تصفح هذه المواقع والتفاعل من خلالها، وذلك وفقا لبعض الدراسات الحديثة. وهناك نحو نصف مليون ( تغريدة ) وصورة تنشر على موقع (سناب شات) للمحادثة كل دقيقة، وتسبب الكثير من الإزعاجات بسبب اشعاراتها، لاسيما الليلية منها.
*الاستخدام المفرط
ويعتقد الباحث النفسي في كلية المنصور الجامعة د. عبد الغفار عبد الجبار، أن هناك استخداما مفرطا لمواقع التواصل الأجتماعي في أوقات الليل، وبالنتيجة فأن كل المنشورات تصل عنها اشعارات للأصدقاء، فضلا عن اشعارات شركات الاتصال والاعلانات .
ويتابع " اكثر الاشعارات ازعاجا، هي الاشعارات الصوتية التي يطلب فيها المرسل ان ارد عليه برسالة صوتية، وقد أكون مشغولا بعمل او محاضرة، كما أن بعض الاشعارات غير مناسبة لا تراعي العمر والاهتمامات، مشيرا الى ان كثرة الاشعارات تؤدي الى ادمان مواقع التواصل الاجتماعي لأن الكثير منا يدفعه الفضول ليرى محتوى الاشعار، ومن هو المرسل؟
*أضرار الحرمان من النوم
وقد أظهرت دراسة حديثة، ان الحرمان من النوم لليلة واحدة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات القلق بنسبة 30٪، ويقول ماثيو والكر (أستاذ علِم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا- بيركلي)، أن هناك ارتباطًا متبادلًا بين غياب النوم الطبيعي والإصابة بالاضطرابات النفسية، وهناك ما يقرب من (80%) من مرضى القلق يشكون من اضطرابات في النوم.
ـــــــــــــ
0 تعليقات