عراق

اول امتياز لنفط كركوك في التاريخ منح الى عائلة نفطجى زاده التركمانية



نجات كوثر اوغلو
       عرف العراقيون القدامى النفط واستخدموه منذ أقدم العصور . ففي بابا كور كور بكركوك تشتعل النار الازلية منذ 
عصور    موغلة في القدم . و قد ورد ذكرها في سفر النبي دانيال. و عند مرور الجيش اليوناني بقيادة الاسكندر الكبير من كركوك ، شاهدوا منابع النفط وذكروا بأن الطرق كانت مرشوشة بالنفط من منبعه الى  المدينة ، و انهم يشعلونه في الليل و تظهر المدينة بشكل ممتع كأنها داخل  كتلة من النار ! 
و استخدم السومريون القير في اعمال البناء . و استخدمه البابليون في تعبيد ارض المعابد و الشوارع . 
 و عمد اهالي كركوك القدامى الى استخدام النفط في ايقاد النار في المعابد لأظاءتها و في تعبيد  الطرق و تشيد الابنية و الوقاية
من الرطوبة و صنع الاسلحة اللاهبة و في العلاج الطبي ، و للتدفئة ، و استخدموا الاسفلت في صناعة الاصباغ والاواني.
     جرى اول محاولة لاستخراج النفط في كركوك في العصر الحديث و بطرق بدائية من قبل عائلة ال نفطجي و هي عائلة
تركمانية معروفة في كركوك .
     ولاول مرة في تاريخ النفط بكركوك ، منح امتياز استخراجه الى عائلة نفطجي زاده من قبل الدولة العثمانية بتاريخ
1محرم 1049هجرية /1639م بموجب فرمان1 صادر من قبل السلطان العثماني مراد الرابع . و تم تحديد حدود منطقة الامتياز بوضوح في الفرمان .
     و بعد فترة من الزمن وقع بعض التجاوزات و التعرضات على هذا الامتياز من قبل الغير . وعلى اثره قدم اصحاب الامتياز من عائلة نفطجي شكوى الى السلطان العثماني وذلك في سنة 1196هجرية / 1782م . وفي نفس السنة ورد الى كركوك فرمان الثانٍ مؤرخ بتاريخ 1196هجرية /1782م معنون الى قاضي و مستلم2 كركوك يؤكد فيه بأن أمتياز نفط كركوك يعود الى عائلة ال نفطجي حصرا  ولا يحق لفيرهم التجاوز عليه .
     يعتبر هذا الفرمان اول وثيقة تاريخية لامتياز النفط بكركوك . و لاول مرة نشرت هذة الوثيقة التاريخية من قبل الباحث العلامة الاستاذ عطا ترزى باشى المحامي في مجلة الاخاء ( العدد الثالث لسنة 1961م في صفحة 31-32 )



والنص الكامل لذلك الفرمان كما يأتي :
" كركوك قاضيسنه و كركوك متسلمنه :
     نفطجى زاده لردن اسماعيل و محمد و ابراهيم و حسين آغالر سدهءسعادتمه عرضحال ايدوب ، بابرات عاليشان قديم الايامدنبرو تصرف وانتفاع ايده كلدكلرو كركوك سنجاغنده واقع بابا كوركور نفتى معدنندن آخرين علاقسى اولمايوب 
كيمسنه طره فندن دخل و تعرض اولنمق ايجاب ايتمز ايكن بعض كيمسنه لر طره فندن دخل و تعرض ايديلديكنى بيلديروب 
كيفيت ديوان همايونمدن سوال اولندقده كركوك سنجاغنده واقع بابا كوركور نفت معدننك نفتجى زاده لره احسان اولوب شرقا ادهم جايى و قبله سى مذكور جايدن طريق كبرايى قطع ايدوب بهلول جيقلنه وارنجه و غربا بهلول جيقلندن قزليار مزرعه سنى قطع ايدره ك مرعى دره سنه وارنجه و جنوب شماليسى مرعى دره سندن صابئة طاغى و موصول سينيرينه قدر كيمسنه نك دخل و تعرض ايلمه مسى عند التوقع ثابت اولوب او صوره تله 1049 سنه سى محرم الحرامنك اوائلنده فرمان عاليشان اصدار اولنديغنى بيلدروب سزكه قاضى ومتسلمى موما اليهمسز معلوم اوله كه اشبو فرمان عاليشانم واصل اوليجق اول وجهيلة مذكور نفت معدننك تصرفنه وسينيرينه نفتجى زاده لردن غيرى آخرين دخل و تعرضى دفع اولنمق فرمان عاليشانم اولديغنى بيلوب موجبنجه عمل ايده سز 1196 "سلطان عبد الحميد الاول 
     ويفهم من الفرمان ، بان وجهاء عائلة ال نفطجى بكركوك وهم أسماعيل اغا و محمد اغا و ابراهيم اغا و حسين اغا رفعوا شكوى في سنة 1196هجرية / 1782م الى السلطان العثماني عبد الحميد الاول حول تجاوزات وتعرضات على منطقة امتيازهم لنفط بابا كوركور الممنوحة لهم سابقا بتاريخ 1049هجرية / 1639م من قبل الدولة .
وجوابا على ذلك يخاطب السلطان عبدالحميد الاول و يأمر بهذا الفرمان المؤرخ 1196هجرية /1782م قاضي ومتسلم سنجق كركوك و اكد على الفرمان الاول الصادر من ديوان الهمايون السلطاني3 سنة 1049 هجرية بان الاراضي ونفط بابا كوركور قد انعم الى عائلة ال نفطجى ، و رسم لهذا الامتياز حدود منطقة النفط الممنوحة لهم  شرقا جاي ادهم 4 ومن جهة القبلة الى بهلول جقلغى عبر الطريق الكبير و من الغرب من بهلول جقلغى مرورا بمراعي قزليار و من الشمال الجنوبي من وادي المراعي حتى جبل صابئة بمحاذة حدود الموصل شمالاً5 . لايجوز قطعياً أي تدخل من قبل الغير في شؤون هذة المنطقة ،  و يكون كامل تصرف بيد عائلة ال نفطجى . و السير و العمل بموجب فرماننا هذا المؤرخ 1196 هجرية . التوقيع السلطان العثماني عبدالحميد الاول. 
     حوالي اكثر من ثلاثمائة عاماً  ، وبقى امتياز و اعمال نفط بابا كوركور تحت تصرف هذة العائلة التركمانية بكركوك .
و كانت هذة العائلة تؤجر منطقة استخراج النفط او تمنح بشكل التزام الى الاشخاص الذين يؤجرون و يلتزمون هذة الاراضي 
و يقومون باعمال استخراج مادة النفط و يتم تكريرها و تصفيتها و يتم كلها بطرق بدائية و بسيطة و تعرض للبيع في الاسواق المحلية .
     ويذكر سالنامات " حوليات " و خاصة سلنامة الموصل بان هناك خمسة عشر عيناً ، يستخرج منها النفط بمقدار 100 الف قية 6 و كانت ذات فائدة عظيمة لمدينة كركوك كما كانت تباع هذة المادة الحيوية الى اطراف كركوك7 .
    و قد دفعت حاجةالعالم القصوى الى النفط كثيراً ، من الخبراء الى البحث عن منابع اخرى له في مناطق الدولة العثمانية ، حتى
تمكنوا من العثور عليه في جهات شتى من العراق وسيما في كركوك .
فتألفت لذلك شركات اجنبية كثيرة اخذت تسعى كل من جانبها للمساومة على كنوز كركوك النفطية و استثمار منابعها ، و بدأت منافسات بين الشركات العالمية الكبرى حول الحصول على امتيازات في هذة المنطقة و بدأت منذ اوائل القرن العشرين وتم لهم ذلك بعد الحرب العالمية الاولى و بدأت امتيازات جديدة ممنوحة للشركات  في هذة المنطقة . ولم يحصل هذة العائلة التركمانية 
على أي سهم يذكر .
     في حين حصل  كولبنكيان الوسيط ، في مباحثات  الحصول على هذة الامتيازات بمنحه  5٪    من ارباح النفط المستخرج .
نجات كوثر اوغلو
هوامش 
1 – فرمان : أمر سلطاني 
2 - متسلم : المتسلم من يقوم مقام المتصرف في المدينة ( وكيل المتصرف ) 
3 – ديوان ههمايون السلطاني : ديوان او قصر السلطاني ( مركز الدولة ) 
4 – جاي ادهم : من اسماء خاصة جاي 
5 – الحدود الواردة في الفرمان هي نفس حدود منطقة عمليات شركة نفط الشمال الحالية .
6- قية : حقة 
7 – انظر ، كركوك بترول تاريخى ، يازان اوقات عطا ترزى باشى ( قارداشلق صايى 3 ، يل (1 ) 1961 ،
 بغداد ص 30 - 32

إرسال تعليق

0 تعليقات