عراق

حكاية الأيام الحلقة الثامنة عشر



  بقلم :_ وجدي نيازالدين أكبر


                    الناس فيما بينهم علاقات ووشائج منها قائمة على أساس المصلحة المتبادلة أو المنفعة المادية كعلاقة الأغنياء والتجار مع أقرانهم والأطباء مع مرضاهم والمسؤولين مع من يحيطونهم فان هذه العلاقات سرعان ماتتلاشى وتنتهي بانتهاء المصلحة بين الطرفين أما الروابط  المبنية على أسس التآلف لله  من دون منفعة خاصة فانها تبقى متواصلة ولا تزول ابدا وخير دليل عليها  ما قاله الأمام علي (ع) في قصيدته:
وكل مودة لله تصفو                              ولا يصفو مع الفسق الاخاء
هكذا المودة والأخوة نتلقاها عند المثقفين والشعراء والأدباء الذين هم لسان شعوبهم لأن مشاعرهم تسير معهم في أفراحهم وأتراحهم  وكذلك جماهيرهم يغتمون عليهم عند مساسهم أي أذى فما أدهى مصيبة لحقت بأهالينا الأصلاء التركمان في فاجعة مقهى قرب الفلكة من مدينتنا طوز خورماتو جراء انفجار دراجة مفخخة صبيحة يوم الأحد المصادف ل16/9/2007م والموافق ل 3/ رمضان /1428ه فأودت بحياة(7) مواطنين وجرح ما لايقل(20) مواطنا شاء القدر أن يكون من بين المستشهدين أثنين من خيرة أدبائنا وشعرائنا ألا وهما ألأستاذ الأديب هاشم موسى رضا والشاعر يالجين خير الله بللو بارتحالهما تركا ثلمة في الأدب التركماني لم يدع الموت ساحة الأدب مؤمنة منه الا أن يأخذ أعز أديبها الذي يشار اليه بالبنان بعد (8) أشهر من داهية الفلكة الا وهو الأستاذ موفق ناجي حميد طوزلو من مواليد عام 1957م / طوزخورماتو من أبوين تركمانيين والده الملا ناجي حميد رحمه الله رادود حسيني في قراءة مايسى(سينه زه ن) من الأربعينيات حتى نهاية السبعينيات القرن الماضي(القرن العشرين) وهو أخ لكل من:الباحث والشاعر صلاح الدين،الشاعر نجم الدين وكذلك شقيق :هاشم ،علي ، صباح وهو أب ل(3) بنات أكمل دراسته الأبتدائية والمتوسطة في مدينته طوزخورماتو ثم درس في أعدادية الصناعة قسم الغزل والنسيج_بغداد_وبعدها تم قبوله الى جامعة التكنلوجيا_زعفرانية_ لنفس أختصاصه بغية الحصول على بكالوريوس ولكن نشوب الحرب العراقية الأيرانية آنذاك حالت بينه وبينها فحصل على شهادة دبلوم معهد ضمن قسمه وبعد تخرجه من المعهد سيق الى الخدمة العسكرية الألزامية فخدم فيها أكثر من(8) سنوات وتسرح منها عام 1990م حينئذ تم تعينه في جامعة تكريت/كلية التربية بصفة مسؤول عن الأقسام الداخلية والأدارية ، كانت صلتي بالمرحوم زمالة دراسة الأبتدائية والمتوسطة في الوقت ذاك كان المرحوم ملما باللغة التركية ومصدر تعلمه كان من المطبوعات التركية وراديو تركيا وكذلك مجالسته الأدباء والشعراء أخصهم بالذكر الأستاذ علي معروف أوغلو رحمه الله والأستاذ صلاح الدين ناجي أوغلو كانت لها دور كبير في تنمية قدراته الأدبية حتى تمكن من نشر أولى مقالته ألأدبية في جريدة يورد (الوطن) في سنة 1983م ثم أصدر كتابا بعنوان(نه كوزه ل ديميشله ر)يعني(أجمل ماقيل) وله مخطوطات لم تر النور حتى الآن منها(ديل قيلاوزي_دليل اللغة) و(جوجوق شعرلري_قصائد الأطفال) ومقالات عديدة في اللغة نشرت في الصحف والمجلات التركمانية راجيا من المؤ سسة الثقافية التركمانية بجمعها وأعادة طبعها لأغناء المكتبات التركمانية بها ، أجمل ماكان يتحلى به المرحوم الهدوء والموضوعية والطيبة ووجه طليق وكان خدوما في مساعدته لللآخرين وكان مرجعا لغويا يقصده الأدباء في اشكاليات القواعد والأملاء ، رحيله المفاجيء ترك جرحا عميقا في وجداننا لاتمحيه السنين ، بفترة وجيزة من سقوط بغداد بادر هو وبمعية الأخ نهاد قوشجي والأستاذ الناقد أنور حسن موسى بأصدار العدد الأول من جريدة- آق صو- في شهر تشرين الأول عام2003م وهو أول من دعاني للكتابة فيها ونشر لي أول مقالتي بعنوان(ان من الشعر لحكمة)ضمن العدد(6) من شهر نيسان عام 2004م ، لقائي الأخير مع المرحوم كان قبل عدة أيام من وفاته أمام كازينو سيد قلندر القديم حيث طلب مني ومن زميلي الكاتب حسن ده مرجي مقالات بغية نشرها في- مجلة- الفلكة- الفصلية  بعدما توقفت اصدراها لدواعي مادية حينذاك قلت له ياأستاذ موفق لدي حكاية أود كتابتها ويعرفها العم سليمان(أبو داوود) الذي يسكن معك في نفس الدار أحببت أن أتزود منه معلومات حولها فأجاب: اذن اسرع لتدوينها لأن أبو (داوود) رجل مسن ولعله يعيش الأيام الأخيرة من حياته والأعمار بيد الله ومن سخرية القدر وبعد يومين من محاورتنا فاذا الأستاذ موفق أصيب بجلطة دماغية لم تمهله أكثر من أسبوع وقدر لأبي داوود أن يجلس في فاتحته وهو يلعن حظه العاثر لأن الموت قد أختار موفق قبله ليتركه مجروح الفؤاد....هكذا قرر أديبنا الأنيق الأستاذ موفق ناجي حميد الرحيل ليلة الجمعة من يوم29/5/2008م لاشك انها ليلة مباركة خصصها الله لوفاة عباده الصالحين ووري جثمانه الثرى داعين من الله تعالى أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان انا لله وانا اليه راجعون هذا ولكم مني أطيب التحيات .

إرسال تعليق

0 تعليقات