عراق

المشاهير المزيفين والمحتوى الفارغ


بسبب غياب الرقابة 
مواقع التواصل تعج بالمشاهير المزيفين والمحتوى الفارغ

تحقيق_زهراء الساعدي

التاريخ يعرفنا بعدد كبير من الاشخاص اللذين اشتهروا بمنجزاتهم العلمية والمعرفية وغيرها من العلوم التي عرفها الانسان، فكانوا خير قدوة بما قدموا من علم يضيء طريق الساعين الى الازدهار والمنفعة، هؤلاء لم يذهب صنيعهم في الحياة في مهب الريح بل ظل خالد لكل الاجيال، لانهم خدموا البشرية بما قدموا واستحقوا ان يشار اليهم ببنان الشهرة والرفعة، وهذه هي الشهرة بمفهومها الايجابي النافع والرصين، اما حاضرنا ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر والتدوين، وغياب الرقابة القانونية، فقد ساده المتخبطون وغابت المعايير في مايقدمون من محتويات تخلو من الفائد، وأختلطت الكثير من المفاهيم، وأصبحت "التفاهة" التي تقدم في هذا العالم سيما على منصات التواصل الاجتماعي "شهرة"!، بالرغم من انها لا تحمل في ثناياها اي فائدة، واصبحو يتباهون بكثرة المتابعين لا بمحتوى مايقدمون!!
والذي يملئ القلب غيضا إن أغلب أصحاب الشهرة أو ما يعرف شعبياً بـ( الطاشين) على الرغم من سطحية وسخافة ما اشتهروا به فانهم باتو يمثلون القدوة للجيل الناشئ الذي ليس لديه ما يجعله يميز الصالح من الطالح، فساروا مقلدين لهم بأدق التفاصيل.
ولتنعرف اكثر عن حيثيات هذه الظاهرة وسلبياتها على المجتمع توجهنا الى بعض الشخصيات لنسألهم/ كيف تشاهدون اليوم زيادة المشاهير وماينشر من محتوى خالي من الفائدة؟
وماهي اثاره على المجتمع؟.

*الاساءة للذوق العام
تقول نوران ارسلان/تربوية ومدونة صحفية/ اليوم تحولت مواقع التواصل إلى ميدان للمنافسة بين أصحاب المحتوى الفارغ، اغلب المشاهير وأصحاب الارقام الهائلة من المتابعين ليس لديهم محتوى صحيح وللاسف تزداد هذه الأعداد كل يوم، فأصبح الموضوع كلما أصبحت مشهور ولديك متابعين إذن أصبح موقعك يعج بالاعلانات الصالحة والطالحة إذن المزيد من المال!!
ولكي ترتفع نسبة المشاهدات عنده وهو لا يمتلك محتوى فهو يسيء للذوق العام ويفتعل مشاكل او يروج إشاعة عن نفسه أو تكون كلماته أو أسلوبه مثير للجدل!، والمتابعين أغلبهم تحت سن الثمانية عشر عام، مراهقين و مراهقات وهكذا محتويات تؤثر حتى ع آرائهم وأفكارهم، والانشغال بالستوريات الغير هادفة و البثوث التي تتخللها احيانا ألفاظ خادشة أو تصرفات غير لائقة هي مضيعة للوقت وضياع للمبادىء ولقيم مجتمعاتنا وايضا خلق جيل كسول يرى أنه من السهل الوصول للمادة بهذه الطريقة.

*غياب القدوة الحسنة
وتبين الدكتورة ندى العابدي/باحثة في الشؤون الاجتماعية/في الفترة الاخيرة انتشر مفهوم بين الناس هو مفهوم(الطشة) والصفحات الخالية من المحتوى، وهذا يعود الى جملة اسباب منها عدم وجود الشخصية القدوة داخل الاسرة، عادةً الانسان في مرحلة الشباب يبحث عن قدوة يقتدي بها، وعدم وجود القدوة داخل الاسرة، تجعل الشخص يبحث عن قدوة خارج المنزل، وبالتالي يقتدي بأي شحصية، ربما تكون غير ملائمة لا اخلاقياً ولا عرفياً ولا اجتماعياً، هذا جانب، الجانب الاخر هو انتشار شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع التي تدفع مبالغ معينة لقاء نشر هذه الفيديوات، بالتالي تشكل مورد اقتصادي، وما لاحظناه حقيقة هو تراجع المستوى الثقافي وتراجع التعليم، ووجود الفراغ والادمان على المخدرات والادمان على مواقع التواصل والانترنت، عملت على تسطيح افكار الشباب، وبالتالي هم يلجأون الى ضياع الوقت وتبديده باعمال لاتجدي نفعا وليس لها اي مردود فكري او ثقافي، فبالتالي يقومون هؤلاء الشباب بالترويج لهكذا مقاطع، لان الوضع الاقتصادي سيء فيحصلون على الاموال، وكذلك هي تتماشى مع التسطيح الموجود في المجتمع، وبالتالي اصبحت التفاهة هي السمة الغالبة، وانتشارها بالرغم من انها خالية من محتوى الثقافة والفكر والمحتوى الاجتماعي المفيد، وهذا واحد من اسباب انحلال المجتمعات وتفسخ العلاقات، وضياع القيم الاخلاقية، واضافة الى ذلك عدم وجود للاهداف، هذا كله سوف ينشئ جيل كامل ليس له مستقبل، وبما ان الشباب هم بنات المستقبل فنحن ومن وضعهم الحالي نستطيع ان نتنبأ ما هو حال المستقبل وكيف سيكون!!.

*اسباب وحلول
وتشير الإعلامية بسمة العبيدي الى هذه الظاهرة قائلة/ان الشهرة في السابق كانت نتاج جهد طويل وتطوير مهارات تأخذ من الشخص وقتاً طويلاً حتى يصبح مشهوراً اما اليوم فسرعة الانتشار جعلت الشهرة لاتتعدى بضع دقائق، الكثير من صغار السن والشباب والفتيات اصبحوا مشاهير ولديهم قنوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ينشرون فيها مايحلوا لهم من محتويات غير هادفة وهزيلة وسطحية، تحت مسمى (الحرية الشخصية ) والهدف منها (الطشة) او لكسب اكبر عدد من المتابعين لتصل كل قناة من قنواتهم رغم محتويات نشرهم السيء الى ملايين المشاهدات ليستقطبوا بعدها الشركات التجارية لعمل اعلانات لهم مستغلين كثرة المتابعين،ويبدو ان مقولة الرسام الامريكي اندي وورهول الذي قال فيها ( في المستقبل سيتمكن الجميع من ان يصبحوا مشهورين، وشهرة عالمية خلال خمسة عشر دقيقة فقط!) قالها قبل خمسون عام وقد تحققت الان،
اما عن كيفية خلق حلول لنشر محتويات هادفة، فيكون بوضع خطة في ماهية الاهداف التي نأمل تحقيقها في المستقبل والمواضيع الخاصة للتحدث فيها ضمن استراتيجية الاعتدال واحترام الذوق العام في ذلك، لان نشر المحتويات المدروسة والواعية تساعد في بناء المجتمع وتهذيبه لا انحلاله، ونتمنى من كل مستخدم في مواقع التواصل الاجتماعي ان تكون نفسه رقيبة عليه ان لم توجد رقابة قانونية على مايُنشر.

*حرية منقوصة
يرى علي صحن عبد العزيز / صحفي/ ان في علم النفس حينما تتصادم حريتي مع حريتك، فمعنى إن هنالك اختلاف في رؤية المصالح، لكن هل تنطبق هذه المقولة مع الشخصيات المزيفة على مواقع التواصل، بالحقيقة ما يحدث هو شرخ في تلك الشخصيات التي تحاول بناء قوامها وكيانها على شخصيات أخرى، وهو دليل واضح على مستوى ضحالة أفكار هؤلاء وخواء ثقافتهم، ولهذه الحالة بعض الأسباب منها، سيطرة مواقع التواصل الإجتماعي على شخصيتهم نتيجة عدم القدرة على تفاعلهم الايجابي مع المجتمع، "ويتابع" هنالك الكثير من حالات الاستنساخ حتى على مستوى تقليد الملابس، وتلك طامة كبرى ومقصودة من الفكر الذي يسعى إلى طمس الهوية العراقية، وأرى أن الرجوع إلى ثقافتنا وهويتنا الإجتماعية هو أنجع حل ممكن ان نتعامل معه ومثل هذه الحالة.

*ظاهرة البوز
توضح الباحثة النفسية ايناس هادي/ ان في ظل التطور التكنولوجي والإقبال بكثرة على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت في السنوات الاخيرة ما يعرف بظاهرة "البوز" أو "الشهرة الاجتماعية" وكانت نقطة انطلاق هذه الظاهرة من الغرب، إلا إن البلدان العربية كان لهم النصيب الاكبر من هذه الموجة، إذ ان هناك عدد هائل من العرب يقبلون بشكل فظيع على اللهث وراء الفضائح والفيديوهات غير الهادفة الامر الذي جعل اغلب الاشخاص المهووسين بحب الشهرة وخاصة ممن يعانون من اضطرابات نفسية وسلوكية وانخفاض تقدير الذات فيحاولون جذب انتباه الآخرين من خلال قيامهم بسلوكيات حمقى لاجل الانتشار السريع والوصول إلى اكبر عدد من المتابعين اللاهثين وراء البرامج التافهة وحب إتباع هوى الفضائح وحشر الأنف بما لا ينفع وكل هذا يرجع سببه لانخفاض وعيهم ووقت الفراغ الكبير الذي يعانون من سدهِ بطرائق غير صحيحة.
وإن الاكثر تأثراً بهكذا محتويات فارغة هم من فئة المراهقين الشباب.

إرسال تعليق

0 تعليقات