يبقى الطفل هو الضحية في كل النزاعات والصراعات الأسرية، فكيف تكون الطفولة عندما يدخل الأبوان بنزاعٍ أسري دخولًا بتنازُع إجتماعي حول مقترح تعديل المادة (٥٧) من قانون الأحوال الشخصية والذي تضمن منح حق حضانة الطفل للأب عند بلوغه سن السابعة؟! فالبعض يرى أن التعديل جاء لضمان حق الأبوين بحضانة مشتركة ، بينما يرى فريق آخر انه انتهاك لحقوق المرأة والطفل معا .
مقترح التعديل
كاظم عبد جاسم الزيدي/ باحث قانوني وقاض
ابتدأ حديثه بالقول : تمت القراءة الأولى لمقترح تعديل المادة (٥٧) من قانون الأحوال الشخصية العراقي في مجلس النواب ، وبموجب المقترح تستمر حضانة الأم للطفل حتى يتم السابعة من عمره ، ويشترط في الحاضنة بأن تكون غير متزوجة مطلقا ، وفي حالة فقدان الحاضنة أحد شروط الحضانة أو وفاتها تنتقل الحضانة إلى الأب إلا إذا اقتضت مصلحة الصغير خلاف ذلك ، وعندها تنتقل إلى الجد الصحيح ثم من تختاره المحكمة مراعية بذلك مصلحة الطفل.
واضح (الزيدي) قائلا : جاءت الأسباب الموجبة لإصدار التعديل هو لأهمية أحكام الحضانة ولتعلقها ببناء الأسرة ، وبقصد الحفاظ على الأطفال من الضياع والتشتت وتنظيم الروابط الأسرية وتحقيق التوازن بين حقوق الطفل وذويه بما يتفق مع مبادرة الشريعة الإسلامية السمحاء على اختلاف المذاهب دون التقيد بمذهب معين ، ولغرض تغطية كافة الحالات التي تعرض على القضاء شرع هذا القانون .
تعديل مجحف
فيصل العبيدي / خبير قانوني : تحدث عن مقترح التعديل على حد وصفه، بانه تعديل مجحف بحق الطفل والمرأة بسبب حاجة الطفل للأم، صحيح إن المادة الحالية فيها بعض الظلم للاب ، لكن رفعوا الظلم من شخص ووضعوا على رقبة طرف آخر معللاً اجابته : يجب إن يكون اي تعديل يضع في الدرجة الأولى مصلحة المحضون، وأن تكون صلاحية أوسع للأب لمتابعة المحضون ، والتركيز على مبيت المحضون عند الأب ، وذلك يتم عن طريق التأكد والبحث عن سلوك واخلاق وبيئة الأب ، لأن هنالك بعض الاباء تعنف الطفل أو بعض التصرفات غير اخلاقية ، وذلك يؤثر على الطفل اثناء المبيت.
وأشار ( العبيدي) قائلا : هنالك أطفال حديثو الولادة يحتاجون إلى عناية فائقة من الأم مثل الرضاعة وغيرها ، حيث لا يمكن ان يكونوا بعيدين عن الأم لساعات طويلة ، ولا يمكن الذهاب بهم كل شهر مرتين او ثلاث مرات للمحكمة للمشاهدة او الاصطحاب مع الأب.
وأردف الخبير القانوني ( العبيدي ) قائلا : بنود التعديل نصت على انه في حالة زواج المطلقة تذهب الحضانة الى الاب وهنا نرى إجبارا واضحا لعدم زواج المطلقة حفاظًا على محضونها مما يؤدي الى تكدس في عدد المطلقات واما الرجل فضَمِن حضانة الطفل بعد بلوغ طفله سبع سنوات، مما يدفع إلى زيادة نسبة الطلاق، مختتماً حديثه بالقول : التعديل المقترح فَضَّل زوجة الاب و الجد عن الام الحقيقية والسؤال هنا : لماذا تسقط الحضانة عن الام في حال زواجها ولا تسقط عن الاب في حال زواجه ؟ هل زوجة الاب او الجد أَحن من الام الحقيقية ؟
مصلحة المحضون
ومن الجدير بالذكر أن النائب رشيد العزاوي عضو اللجنة القانونية، قد اشار : التعديل يجب ان يكون لصالح المحضون وليس الحاضن موضحا بالقول : إني أميل إلى إن تعطى للقاضي الصلاحية لمعرفة مصلحة المحضون أين تكون ، لأننا نرى الأطفال بعضهم يظلمون عند آبائهم ، وبعضهم عند الأمهات لا سيما إذا ما تزوجت الأم ، ولذلك نميل إلى تعديل المادة بأن نعطي الباحث الإجتماعي والقاضي، وهما من يقدر ظروف كل حالة، ليكون الحاضن إما الأب أو الأم او لا يكون كلاهما ، إذا لم يكونا مؤهلين وتكون الدولة هي المسؤولة عن الطفل .
رعاية الأسرة
محمد فخري المولى / باحث اجتماعي :
ان زيادة صلاحية الأم لمحضونها، دون الرجوع إلى الاب، هذا هو جوهر الخلاف، لافتًا بسؤال، كم هي فترة الحضانة ؟ قيل بأن بعضهم يراها سنتين، والاخر ينظر على انها سبع سنوات، معللاً حديثه بالقول : نحن نتكلم عن شخصية لها كيان نفسي شعوري، مرتبط باتزان عاطفي، كيف تكون الملامح الاجتماعية مستقرة في ظل هذة الأوضاع ؟ واقترح (المولى) : يجب ان تؤسس هيئة خاصة لرعاية الأسرة، تنظر إلى ما يجري داخل الأسرة بشكل واقعي وحقيقي، وذلك بإنشاء سجل دقيق يدون تفاصيل الأسرة، اذا كان فيها خلاف وأن نشجع إلى الإصلاح بين الطرفين، مواصلاً حديثه بالقول : تبدأ مرحلة الخطوبة، وعندما تتحول الخطوبة إلى قرار محكمي، لتكون هنالك تبعات شرعية وقانونية من هذا التفصيل إلى عقد زواج رسمي، فضلا عن إقامة دورات تثقيفية من أجل بناء أسري صحيح، وان تكون الجزئية الاولى من الهيئة هي بناء الأسرة، من خلال السجل العائلي الذي يحتوي على المشتركات والمفارقات، يورد الحالة الصحية والاجتماعية والمادية، اما الجزيئة الثانية فهي متابعة الأسرة، وان يكون هنالك تقيم حقيقي لما يجري داخل الاسرة، بينما الجزيئة الثالثة من هيئة رعاية الأسرة، هي ان تنظر بسجل تراكمي حقيقي، لكي نستطيع ان نجد موازنة حقيقية ننظر من خلالها، من هو الأحق بالحضانة المرأة ام الرجل؟ واختتم (المولى) حديثه بالقول : عندما نتكلم بالعواطف ونقرر من هو الحاضن، دون تأسيس مسبق ومعرفة لما يجري ويحدث داخل كل أسرة، سيكون في الامر تجنٍ كبير على احد الطرفين.
0 تعليقات